بحضور كريم من سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين، عقد المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج ندوة دولية بعنوان "التعلم الاجتماعي والعاطفي"، في 10 يناير 2024م، في مدينة المنامة بمملكة البحرين. وشارك في الندوة مسؤولون واختصاصيون تربويون في مجال تطوير المناهج من وزارات التربية والتعليم في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، وخبراء واختصاصيون في مجال التعلم الاجتماعي والعاطفي على المستوى الإقليمي والدولي، وعدد من الأكاديميين وأساتذة الجامعات، بالإضافة إلى الخبراء التربويين بالمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.
وقد استهدفت الندوة تسليط الضوء على موضوع "التعلم الاجتماعي والعاطفي"، وتوضيح أسسه الفكرية والنظرية، وكفاياته الأساسية؛ وإبراز أهمية التعلم الاجتماعي والعاطفي بالنسبة للأفراد والمجتمعات، وتأثيراته الإيجابية على الأصعدة الأكاديمية والشخصية والمهنية والاجتماعية؛ والاطلاع على التجارب الدولية الناجحة في مجال تطوير وقياس مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي لدى الطلاب؛ إلى جانب تعرف أساليب وإستراتيجيات إدماج كفايات التعلم الاجتماعي والعاطفي في المناهج الدراسية والأنشطة المدرسية وأساليب التعليم والتعلم.
وافتتحت الندوة بكلمة من سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين، رحب فيها بالمشاركين في الندوة، متمنيا لهم طيب الإقامة، ومعبرا عن سعادته بعقد هذه الندوة في مملكة البحرين. وأكد أهمية مثل هذه اللقاءات في إطار الدور المحوري الذي يؤديه المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، الذي يمثل إحدى لبنات الوحدة والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقدم التحية للمركز على ما يبذله من جهود دؤوبة في سبيل تطوير البحوث التربوية وإتاحة الاستشارة والخبرة، ومواكبة أفضل التجارب الوطنية والدولية.
وأشار سعادة الوزير إلى أن مثل هذه الندوات والمؤتمرات تكتسي أهمية بالغة، بما تطرحه من قضايا وإشكاليات تربوية معاصرة، وما توفره من منابر وفرص لصناع السياسات التعليمية والاختصاصيين والخبراء التربويين للقاء وتبادل الأفكار والخبرات وأفضل الممارسات التي تواكب أحدث الاتجاهات التربوية في العالم. وفي ختام كلمته جدد الشكر للمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج وللقائمين على هذه الندوة العلمية التربوية، متمنيا النجاح للندوة كي تحقق أهدافها وتخرج بالنتائج المرجوة، والتوصيات البناءة بما يخدم النظام التعليمي ويسهم في تطوير فلسفة التعليم وطرائق التدريس في دول الخليج.
ثم ألقى الدكتور محمد الشريكة مدير المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، كلمة عبر فيها عن ترحيبه بالمشاركين في الندوة، وتوجه بالشكر الجزيل لوزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين الشقيقة، ممثلة في سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم، لما أبدته من اهتمام باستضافة هذه الندوة، وترحيب كبير بالمشاركين فيها، ودعم لامحدود للمركز في تنظيمها على الوجه الأكمل. كما عبر عن بالغ الشكر والتقدير لوزارات التربية والتعليم في الدول الأعضاء، لما أبدته من استجابة طيبة للمشاركة في هذه الندوة، من خلال نخبة من المسؤولين والاختصاصيين التربويين المتميزين.
واستعرض الدكتور محمد الشريكة أهداف الندوة ومحاورها الأساسية، مشيرا إلى أن عقد هذه الندوة يأتي في إطار سلسة الفعاليات التربوية الدولية التي ينظمها المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، بهدف متابعة المستجدات التربوية على الساحة الدولية، ورصد الاتجاهات العالمية الحديثة في مجال التعليم، من أجل التعرف عليها، ومحاولة الاستفادة منها في إثراء جهود تطوير التعليم في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، وإتاحة مزيد من الفرص للتعاون وتبادل الخبرات والأفكار بين الاختصاصيين التربويين في هذه الدول ونظرائهم من دول العالم.
وأكد مدير المركز أهمية موضوع التعلم الاجتماعي والعاطفي، بوصفه أحد التوجهات العالمية الحديثة في مجال التعليم، مشددا على ضرورة العمل على إدماج الكفايات الاجتماعية والعاطفية في مناهج التعليم بالدول الأعضاء، انسجاما مع نتائج الأبحاث العلمية الحديثة التي أثبتت أن التعلم الاجتماعي والعاطفي له تأثير كبير على تحسين الأداء الدراسي للطلاب، وزيادة معدلات التخرج، وتقليل معدلات التسرب، وخفض المشكلات السلوكية، وتنمية العلاقات الاجتماعية الإيجابية، وتحسين الصحة النفسية للطلاب، وإكسابهم مهارات التعاون والتواصل وحل المشكلات والتكيف مع المواقف المتغيرة.
وشدد الدكتور محمد الشريكة على أننا في أمس الحاجة إلى إكساب أجيالنا الجديدة الكفايات الاجتماعية والعاطفية التي تمكنهم من التكيف مع مطالب الحياة والعمل في القرن الحادي والعشرين، وتحسين فرصهم في النجاح على المستويات الشخصية والاجتماعية والمهنية، والمساهمة بشكل أكبر في تحقيق الرؤى التنموية على المستوى الوطني، والعيش بسلام في مجتمع تسوده قيم التعاون والتفاهم والانسجام. وعبر عن ثقته في أن تسهم هذه الندوة في تحديد أفضل السبل لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، بمشاركة هذه النخبة المتميزة من الخبراء المختصين في هذا المجال، وبفضل إسهام المشاركين في إثراء المناقشات وصياغة التوصيات.
وشهد الاجتماع عرض مجموعة من أوراق العمل بواسطة عدد من الخبراء المختصين في مجال التعلم الاجتماعي والعاطفي على المستوى الخليجي والدولي؛ حيث عرضت الأستاذة الدكتورة إيمان محمد الرويثي، أستاذ التربية بجامعة الإمام محمد بن سعود والمستشارة في هيئة تقويم التعليم والتدريب بالمملكة العربية السعودية، ورقة عمل بعنوان " التعلم الاجتماعي والعاطفي: مفهومه وأهميته"؛ وقدمت الدكتورة نويمي لو دونيه (Dr. Noémie Le Donné)، مديرة البرامج بإدارة التعليم والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، عرضا حول "التجارب الدولية الفعالة في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية وتقييمها لدى طلبة المدارس"؛ وعرض الدكتور مايكل دونيلي (Dr. Michael Donnelly)، الأستاذ المشارك بجامعة باث في إنجلترا، ورقة عمل بعنوان "إستراتيجيات دمج التعلم الاجتماعي والعاطفي في التعليم".
وأوصى المشاركون في الندوة بضرورة توجيه مزيد من الاهتمام إلى تعزيز مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي لدى الطلبة في مختلف المراحل الدراسية بدول الخليج؛ وتضمين مفاهيم التعلم الاجتماعي والعاطفي في المناهج الدراسية بشكل منهجي؛ وتوظيف الإستراتيجيات التعليمية المناسبة التي تساعد الطلبة على اكتساب المهارات الاجتماعية والعاطفية في المدارس؛ وتهيئة البيئات التعليمية الداعمة والأنشطة والخبرات العملية التي تمكن الطلبة من امتلاك هذه المهارات. كما أوصى المشاركون بإعداد برامج مهنية متخصصة لتدريب المعلمين على كيفية تدريس المهارات الاجتماعية والعاطفية بكفاءة وفعالية.