تسعى دول العالم للوصول إلى إحراز تقدم متواصل في ميدان التعليم تبلغ به مستوى الجودة، المتمثل في فاعلية نظام التعليم وكفاءته، وذلك بإتقان جميع الطلبة الكفايات الملائمة المستهدفة، كما تدل على ذلك نواتج النظام من جهة، وتوازن العائد من نظام التعليم مع كلفته وما خصص له من موارد وإمكانات بشرية ومادية، من جهة أخرى. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الدول للحفاظ على مستوى كفاءة نظمها التعليمية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هناك من العوامل ما يسبب فاقدا في نواتج التعليم، ينتج عنه هدر في الطاقات والموارد والإمكانات. ويمكن رصد الجوانب الكمية لذلك الفاقد في مظاهر رسوب الطلبة وتغيبهم عن المدرسة، وقد يصل إلى تسربهم منها، وانقطاعهم عن التعليم تماما. أما الجوانب النوعية المتمثلة في انخفاض مستوى التحصيل والأداء لدى الطلبة فقد تعود إلى أسباب منها الاستراتيجيات المتبعة في التدريس، ومحتوى المقررات الدراسية، والبيئة المدرسية التي لا تراعي التنوع بين خصائص الطلبة واحتياجاتهم بالقدر الكافي.
ومهما تنوعت العوامل المسببة للفاقد التعليمي وتعددت الجهات المسؤولة عن تداركها، يبقى للمدرسة دورها القيادي في رصد مظاهر الضعف في أداء الطلبة وتشخيصه، وتقصي أسبابه ومعالجته. وحيث إن المؤشرات الدالة على الفاقد يمكن رصدها في ثنايا عملية التعليم والتعلم، فإن للمعلم دوره الرئيس في استشعار المشكلة التي يواجهها كل طالب، والمبادرة بدراستها بالتعاون مع الجهات المختصة في المدرسة وأولياء الأمور والطلبة أنفسهم. وهذا الطرح للمسألة يقود إلى الشق الثاني من الموضوع، وهو أداء المعلم، ومهام عمله، وإعداده للالتحاق بالعمل، وتنميته مهنيا، وتقويم أدائه.
وضمن هذا الإطار، عقد المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، مؤتمر "دور المعلم في كفاءة التعليم. بصفته أحد برامج المركز الهادفة إلى متابعة المستجدات في الفكر التربوي وتطبيقاته الميدانية، للإفادة منها في مجالات التنمية المهنية للاختصاصيين التربويين، وإثراء مشروعات التطوير التربوي في الدول الأعضاء بالنتائج الناجحة المتميزة للخبرات التربوية على المستوى الإقليمي والعالمي.
وقد عقد المؤتمر، خلال المدة من 27 إلى 29 رجب 1438ه، الموافق 24-26 أبريل 2017م، في مدينة المنامة بمملكة البحرين برعاية كريمة من سعادة الدكتور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم في مملكة البحرين، وبحضور معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني، المدير العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج.
وقد كان للجهد الدؤوب الذي بذلته مملكة البحرين الشقيقة ملكا وحكومة الفضل الأول في إنجاح المؤتمر الحالي وبلوغه أهدافه المنشودة، وبوجه خاص ما بذلته وزارة التربية والتعليم والعاملون بها من مساع مشكورة لتوفير كل ما يستلزم من رعاية ودعم، وتقديم التسهيلات الضرورية بغرض تذليل العقبات، وتمكين القائمين على المؤتمر من أداء مهامهم على أكمل وجه.
واستهدف المؤتمر الاطلاع على أهم التطورات التربوية العالمية والإقليمية في مجال الارتقاء بكفاءة التعليم من خلال تطوير أداء المعلم ومعالجة مشكلة الفاقد التعليمي، وتعرف نتائج التجارب العالمية الناجحة المتعلقة بمعالجة مشكلة الفاقد التعليمي وتطوير أداء المعلم، إلى جانب تعزيز التواصل بين التربويين في الدول الأعضاء وبين نظرائهم في العالم، وتنمية الكفاءة المهنية للمسؤولين والاختصاصيين في وزارات التربية والتعليم بالدول الأعضاء، إضافة إلى تبادل الخبرات التربوية بين الدول الأعضاء فيما يتصل برفع كفاءة أداء المعلمين ومعالجة مشكلات الرسوب والإعادة والتسرب.
ودارت أعمال المؤتمر حول محورين هما: الفاقد التعليمي، وأداء المعلم. ومن خلال هذين المحورين، تم مناقشة عدد من الموضوعات مثل: تغيب الطلبة وتسربهم من المدرسة، وضعف التحصيل الدراسي لدى الطلبة، والرسوب في الاختبارات المدرسية، وضعف أداء بعض المعلمين، ودور المعلم في مواجهة مشكلة الفاقد التعليمي والارتقاء بكفاءة التعليم. وقد اشتمل برنامج المؤتمر على ثلاثة أنواع من النشاطات، هي: الجلسات العامة التي قدم فيها الخبراء المتحدثون الأوراق التي أعدوها حول موضوعات المؤتمر، وورشتا عمل في مجال محوري المؤتمر، إضافة إلى معـرض (أقيم على هامش المؤتمر) عرضت فيه نماذج من نواتج برامج مكتب التربية العربي لدول الخليج وأجهزته.
وقد بلغ عدد المشاركين في المؤتمر خمسمائة وثمانية وستين مشاركا، بمن فيهم الاختصاصيين التربويين في وزارات التربية والتعليم من مملكة البحرين، والجمهورية اليمنية، ودولة الكويت، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولـة قطـــر، والخبراء المتحدثين في جلسات المؤتمر، وعدد من الأكاديميين المتخصصين في مجال التربية، إلى جانب خبراء وباحثي مكتب التربية العربي لدول الخليج والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.
وتمثلت المشاركات الدولية في المؤتمر في محاضرات وجلسات أدارها وشارك فيها مجموعة من الخبراء التربويين الدوليين هم: الدكتورة مامنستا ماروبي مديرة مكتب التربية الدولي التابع لليونيسكو في جنيف، وأرميلي هالينين، مديرة تطوير المناهج بوزارة التعليم بفنلندا، وريناتو أوبرتي، اختصاصي برامج أول في مكتب التربية الدولي التابع لليونيسكو، والدكتورة أورا كوا أستاذة كرسي في منظمة اليونسكو للتربية في جامعة هونج كونج، و الدكتورة كاي جالليجر، الأستاذة في كلية التربية في جامعة زايد، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ودكتورة .فريال خان، خبيرة برامج التعليم في مكتب منظمة اليونيسكو الإقليمي بالدوحة.
وعلى الصعيد المحلى، شارك عديد من الكفاءات العلمية في الجامعات العربية ومراكز الأبحاث والدراسات العربية، كان على رأسهم: الأستاذ الدكتور محمود عباس عابدين، أستاذ تخطيط التعليم واقتصادياته بجامعة طيبة في المملكة العربية السعودية، والدكتور خـالد بن إبراهيـم العواد، أستاذ التربية بجامعة الملك سعود، والدكتورة ريما كرامي عكاري، أستاذة الإدارة التربوية في الجامعة الأمريكية في بيروت، والدكتور خالد الباكر، مدير تقويم جودة المدارس بالهيئة الوطنية لجودة التعليم والتدريب مملكة البحرين، والدكتور عبد الله السعدوي، أستاذ التقويم التربوي في كلية التربية بجامعة الملك سعود.