مع الانتشار الواسع لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف مجالات الحياة، وتزايد الاعتماد عليها في بيئات العمل في القرن الحادي والعشرين، أصبحت هناك ضرورة ملحة لدمج التكنولوجيا في التعليم لإكساب الطلبة المهارات اللازمة للحياة والعمل في المستقبل. ولا يمكن بلوغ هذه الغاية من دون إعداد المعلمين وتدريبهم على توظيف التقنيات الرقمية الحديثة في عمليات التعليم والتعلم، والعمل على نقل المعارف والمهارات التقنية إلى طلبتهم. ولذلك، ظهر مؤخرا عدد كبير من الأبحاث والأطر النظرية التي تستهدف تحديد الكفايات الرقمية التي يجب إكسابها للمعلمين من خلال برامج الإعداد والتنمية المهنية قبل الخدمة وفي أثنائها، كشرط أساسي لنجاح سياسات دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعلم.
ومن هنا فإننا نخصص ملف هذا العدد من "مستقبليات تربوية" لمناقشة موضوع "الكفايات الرقمية للمعلمين"، من خلال عرض نتائج مجموعة مختارة من الدراسات التي سعت إلى تسليط الضوء على العوامل المؤثرة في دمج التقنيات الحديثة في البيئات التعليمية، ودور المعلمين في إكساب طلبتهم الكفايات الرقمية المطلوبة للنجاح في أداء أدوارهم الوظيفية والحياتية في المستقبل، وعناصر الكفايات الرقمية التي يجب توافرها في برامج الإعداد والتنمية المهنية للمعلمين حتى يتمكنوا من توظيف التقنيات الحديثة بشكل فعال في عمليات التعليم والتعلم والتقويم. كما تناقش هذه الدراسات بعض الأطر النظرية للكفايات الرقمية للمعلمين، وتسلط الضوء على تجارب بعض دول العالم في إعداد المعلمين للتدريس باستخدام التقنيات الرقمية، من مثل النرويج وأيرلندا وإسبانيا وروسيا والبرتغال.
وسيجد القارئ في نهاية العدد خلاصة تقدم تحليلا للأفكار والتوجهات البارزة التي كشفت عنها دراسات العدد، وتعريفا ببعض الإصدارات العالمية الحديثة حول موضوع الكفايات الرقمية للمعلمين، بالإضافة إلى تعريف بأحدث إصدارات مكتب التربية العربي لدول الخليج والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.