لقد مرت النظم التعليمية في مختلف بلدان العالم بأوقات صعبة خلال جائحة كورونا (كوفيد – 19)؛ حيث أغلقت المدارس أبوابها تطبيقا للإجراءات الاحترازية اللازمة لمواجهة الوباء، ولجأ كثير منها إلى أساليب التعليم عن بعد عبر الإنترنت لمواصلة تقديم الخدمات التعليمية. وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي رافقت هذا التحول السريع صوب أساليب التعليم عن بعد، فقد كشفت هذه الأزمة عن الإمكانات والفرص الكبيرة التي توفرها التقنيات الرقمية عند دمجها بشكل مدروس في عمليات التعليم والتعلم. وترسخ الاعتقاد بأن التعلم عبر الإنترنت لا ينبغي أن يكون مجرد حل مؤقت لأزمة طارئة، بل يجب أن يصبح جزءا أساسيا من ممارساتنا التعليمية في مختلف مراحل التعليم. ونتيجة لذلك، ظهر اتجاه في الأوساط التربوية يرى أن التعليم المدمج، الذي يجمع بين التعليم التقليدي وجها لوجه والتعليم عبر الإنترنت، سوف يكون هو السمة المميزة لبرامج التعليم فيما بعد الجائحة.
وفي هذا العدد من "مستقبليات تربوية"، نسلط الضوء على نهج التعليم المدمج ونماذجه المختلفة، من خلال تحليل نتائج مجموعة مختارة من الدراسات العالمية التي تناولت هذا الموضوع. وتركز هذه الدراسات تحديدا على التعريف بمفهوم التعليم المدمج ومضامينه النظرية والتطبيقية، وتلقي الضوء على النماذج المختلفة لبرامج تعليم المدمج، والاعتبارات التي ينبغي مراعاتها عند تصميم هذه البرامج، وكيفية تطبيقها بشكل ناجح. كما تناقش هذه الدراسات التحديات التي تواجه القائمين على تصميم برامج التعليم المدمج وتطبيقها في المدارس، والكفايات التي ينبغي على المعلمين امتلاكها للنجاح في تطبيق هذا النهج التعليمي بشكل فعال، والمقاييس أو المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها لتقييم فعالية البرامج التعليمية المدمجة.
وسيجد القارئ في نهاية العدد خلاصة تقدم تحليلا للأفكار والتوجهات البارزة التي كشفت عنها دراسات العدد، وتعريفا ببعض الإصدارات العالمية الحديثة حول التعليم المدمج، بالإضافة إلى تعريف بأحدث إصدارات مكتب التربية العربي لدول الخليج والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.