نتناول في هذا العدد من "مستقبليات تربوية" موضوع "التعليم عن بعد في مرحلة الطفولة المبكرة". ففي الوقت الذي أصبح فيه التعليم عن بعد نهجا أساسيا لمواصلة الدراسة في ظل جائحة كورونا (كوفيد-19)، ظهرت إشكالية تطبيق هذا النهج التعليمي على الأطفال في المراحل العمرية المبكرة. فمن بين الأهداف الأساسية للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، تنمية المهارات الاجتماعية واللغوية لدى الأطفال، من خلال إشراكهم في بيئة تعليمية ثرية، تتضمن نمطا أوسع من العلاقات الاجتماعية التي تتجاوز بيئة المنزل. ويعتمد التعليم في هذه المرحلة على النشاطات العملية والجماعية، والتواصل المباشر وجها لوجه بين المعلمين والأطفال، وبين الأطفال وبعضهم بعضا. وإذا أضفنا إلى ذلك المحاذير الصحية بشأن تعامل الأطفال في السن المبكرة مع الشاشات والأجهزة الرقمية، يصبح التعليم عن بعد في مرحلة الطفولة المبكرة ممارسة تنطوي على كثير من التحديات.
ويتم في هذا العدد عرض نتائج مجموعة مختارة من الدراسات الحديثة التي تناقش تلك التحديات، وتبحث سبل التعامل معها، من أجل تيسير تعلم الأطفال عن بعد في مرحلة الطفولة المبكرة. وتغطي هذه الدراسات عدة قضايا ذات صلة بهذا الموضوع، من مثل: إستراتيجيات التدريس الملائمة لتعليم الأطفال الصغار عن بعد، والإرشادات التي ينبغي على المعلمين اتباعها لضمان مشاركة الأطفال بإيجابية في نشاطات التعلم عن بعد، ودور الأسرة في دعم تعلم الأطفال من المنزل، والإجراءات المطلوبة لحماية الأطفال في بيئة التعلم الإلكترونية، وطرق تقليل المخاطر الصحية الناجمة عن الوقت الذي يقضيه الأطفال على الشاشات، وسياسات إعداد معلمي الطفولة المبكرة وتأهيلهم لاستخدام التقنيات الحديثة في تعليم الأطفال عن بعد ... إلى غير ذلك من القضايا المهمة. كما تغطي الدراسات المختارة عدة تجارب عالمية تشمل أستراليا والصين والمملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أمريكا اللاتينية.
وسيجد القارئ في نهاية العدد تعريفا ببعض الإصدارات العالمية الحديثة حول تعليم الأطفال عن بعد في مرحلة الطفولة المبكرة، بالإضافة إلى تعريف بأحدث إصدارات مكتب التربية العربي لدول الخليج والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.